القاهرة - دار الإعلام العربية، دبي- العربية.نت
أثار الخطاب الثاني للدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء المصري، الذي ألقاه مساء الاثنين، جدلا كبيرًا بالشارع المصري، إذ اعتبره الثوار في ميدان التحرير خطابا غير مفهوم، ومنقوص، ولا يتماشى مع مطالبهم، والتي يأتي على رأسها قضية إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية.
وأكد الثوار لـ "العربية.نت" على رفضهم للخطاب، نظرًا لافتقاره إلى تحقيق كامل المطالب التي ينادي بها الشعب منذ فترة طويلة، مؤكدين على كون الخطاب جاء متوقعًا، ولم يحتو على إصلاحات شاملة في الخطط والرؤى المختلفة بالحكومة.
وقال خالد تليمة، عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة، لـ "العربية.نت" إن الاعتصام مستمر حتى تتحقق مطالب الثورة الحقيقة، مؤكدًا أن الخطاب لم يوضح أو يتناول صلاحيات الوزراء الجدد خلال المرحلة الانتقالية الحالية، مطالبًا بضرورة وجود صلاحيات واضحة وقوية للوزراء كي يستطيعوا القيام بأعمالهم على أكمل وجه دون وجود ظاهرة "الأيدي المرتعشة".
وأضاف أن الخطاب ـ وإن تضمن الإعلان عن تعديل وزاري خلال أيام، نادى به جموع المعتصمين بميدان التحرير، إلا أنه لم يضع صلاحيات للحكومة تمكنها من تحقيق أهداف الثورة.
وتابع "الخطاب لم يلب طموحات المعتصمين بالميدان، لأنه خطاب مبهم، غير مفهوم، لم يحتو على جديد، ونحن نؤكد أن المشكلة في الأساس ليست مشكلة أفراد أو تغيير وجوه بعينها، لكنها مشكلة صلاحيات".
وأشار تليمة إلى أن "الخطاب لم يتماس مع المعتصمين بالميدان، ولذا فإننا لن نترك الميدان إلا بعدما أن نرى خطوات عملية على أرض الواقع".
مطالب الثوار
إلى هنا أوضح أحمد ماهر، المنسق العام لحركة شباب 6 أبريل، إحدى القوى الرئيسية المنظمة لاعتصام التحرير، أن خطاب الدكتور عصام شرف جاء محققًا بعض مطالب شباب الثوة وليس كلها، فهو في الوقت الذي قام فيه بتعديل وزاري، فإنه في الوقت ذاته لم يضع آليات أو ضمانات توضح صلاحياتهم بعد.
وأضاف أن الخطاب لم يتضمن أيضًا أحد المطالب الرئيسية، وهي تحديد جدول زمني لإصلاح الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية المختلفة.
وأكد ماهر أن الشباب مستمرون في الاعتصام حتى تتخذ قرارات أكثر جدية من قبل الحكومة المصرية، مضيفًا أن القرارات الأخيرة تناست أحد أهم مطالب الثوار وهو "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين" والذي يعد مطلبا رئيسيا لكافة التيارات الموجودة على الساحة وبميدان التحرير الآن.
وحدد ماهر مطالب الثوار في إصلاح وزاري حقيقي لا بتغيير وجوه وأسماء فقط، وعمل جدول زمني للإصلاحات على كافة الأصعدة، والنظر بشكل كامل لمطالب الثوار دون تفتيتها، والتي يأتي على رأسها منع المحاكمات العسكرية.
إيجابية لكن!
من ناحيته، وصف أبوالعلا ماضي، رئيس حزب الوسط، القرارات التي اتخذها شرف بـ "الإيجابية"، مؤكدًا على تأخر صدورها، إذ أنه كان من المفترض أن يتم الإعلان عنها قبل شهور من الآن، كما استنكر تأخر قيام الحكومة بالتحرك واتخاذ قرارات في صالح الثوار تحقيقا لمطالبهم بعد جملة من المظاهرات والمليونيات.
أيده في ذلك، منتصر الزيات، محامي الجماعات الإسلامية في مصر، مشيرًا إلى أن مثل تلك القرارات التي تم الإعلان عنها بكلمة د.عصام شرف كان من المفترض أن تتخذ قبل شهرين من الآن، مدينًا فكرة تحقيق مطالب الشعب على فترات مثلما كان يفعل النظام السابق.
وأضاف ماضي: "يجب أن تقوم الحكومة بالنظر في كافة مطالب الثورة، ولا تحقق مطلبا تلو الآخر بهذه الطريقة المتقطعة التي قد تفقد مذاق وأهمية تلك القرارات، وتذكر الثوار بأسلوب الرئيس السابق حسني مبارك، الذي كان يتبع سياسة "جس النبض" بالقرارات المتقطعة، والإصلاحات غير المكتملة".
تطييب خواطر
كما استنكر عبدالمنعم عبدالمقصود، محامي جماعة الإخوان المسلمين، قيام الحكومة والمجلس العسكري بـ "جس نبض" الثوار عن طريق تحقيق مطالبهم على أجزاء، دون النظر للمطالب كلية بشكل عام.
وتابع: "مطالب الثوار هي مطالب مشروعة باعتراف الحكومة نفسها، ولا تستهدف إلا الصالح العام، فلماذا تتباطأ الحكومة والمجلس العسكري في تنفيذها لكل تلك الفترة؟".
أما د. وحيد عبدالمجيد الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية فقال لـ "العربية.نت" إن بيان شرف في مجمله محبط، وكلمته محاولة لـ"تطييب الخواطر" ودغدغة مشاعر الشباب من حيث الشكل، إنما من حيث المضمون فتحمل كلمته نفس طريقة الخطاب السياسي في العقود الأخيرة، بفارق توقيت كبير بين السلطة والشارع، موضحا أن وعود شرف شديدة العمومية، والشيء المحدد فيها لا يخرج عن النقطة الخاصة بإبعاد الضباط المتهمين بقتل الشهداء عن العمل، وهو إجراء كان لابد أن يحدث من اليوم الأول لإحالتهم إلى المحاكمة.
تعديلات وزارية
وكان رئيس الوزراء المصري الدكتور عصام شرف قد ألقى كلمة تلفزيونية مساء الاثنين قال فيها إنه قرر إجراء تعديل وزاري خلال أسبوع، يحقق أهداف الثورة المصرية، ويعكس الإرادة الحقيقية للشعب.
وتضمنت كلمة شرف إصدار عدة قرارات شملت تكوين حركة محافظين تتفق وتطلعات الشعب قبل نهاية الشهر الجاري، وتكليف وزير الداخلية بإعلان حركة وزارة الداخلية التي تتضمن استبعاد قيادات هيئة الشرطة الذين تورطوا في جرائم ضد الثوار، وذلك في موعد أقصاه 15-7-2011.
وكلف شرف وزير الدخلية أيضاً بسرعة استعادة الأمن والانضباط للشارع المصري، مؤكداً في كلمته دعم حكومته الكامل وثقتها في "جموع الشرفاء" من قيادات وضباط الشرطة.
وتأتي كلمة شرف في الوقت الذي يواصل فيه المئات من شبان الثورة المصرية اعتصامهم في ميدان التحرير احتجاجا على ما أسموه التباطؤ في محاكمة المسؤولين عن قتل المحتجين في ثورة يناير التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك.
ورفع المتظاهرون شعارات منددة بالمجلس العسكري وهتفوا "الشعب يريد إسقاط المشير" في إشارة إلى المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد.
وناشد رئيس الوزراء المصري في كلمته المجلس الأعلى للقضاء بتطبيق العلانية على جميع محاكمات رموز النظام السابق وقتلة الثوار، على أن تكون المحاكمات منجزة ليطمئن الشعب وترتاح أسر الضحايا.
وطالب شرف الشعب المصري بتمكين القضاء من ممارسة عمله في ظروف طبيعية تتيح للعدالة أن تأخذ مجارها.
وتضمنت الكلمة قراراً بإصلاح هياكل المؤسسات الصحفية والإعلامية في أسرع وقت ممكن، كما قرر شرف أن يتولى بنفسه رئاسة مجلس إدارة صندوق رعاية ضحايا ثورة 25 يناير وأسرهم.
ونوه رئيس الوزراء المصري في ختام كلمته بأن الفترة القريبة القادمة ستشهد مجموعة من القرارات التي تلبي كافة مطالب الشعب وأهداف الثورة.