moslamh
عدد المساهمات : 855 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 15/10/2010
| موضوع: ياسمين الليل السبت أكتوبر 30, 2010 10:50 am | |
|
| <TABLE border=0 cellSpacing=3 cellPadding=0 width="100%">
<TR> <td class=alt2></TD> <td noWrap></TD> <td width="100%"></TD> <td vAlign=top noWrap>
</TD></TR></TABLE> | ياسَمِيْنُ اللَّيل
<TABLE>
<TR> <td style="CURSOR: pointer" onclick="top.location.href=('showthread.php?t=209958')"></IMG></TD> <td style="CURSOR: pointer" onclick="top.location.href=('showthread.php?t=214562')"></IMG></TD> <td style="CURSOR: pointer" onclick="top.location.href=('showthread.php?t=217855')"></IMG></TD> <td style="CURSOR: pointer" onclick="window.open('http://www.y11b.com/vb/','Montada_Ya_7oby', 'menubar=1, toolbar=1, scrollbars=1, status=no, location=0, width=500, height=500, resizable=1, left=0 ,top= 0')"></IMG></TD> <td style="CURSOR: pointer" onclick="top.location.href=('showthread.php?t=209958')"></IMG></TD></TR></TABLE>
بسم الله الرحمن الرحيم
في قَديمِ الَّزمان كانَ هناكَ بُستانٌ جميلٌ واسعٌ يمتدُّ عند سفح جبل أخضر، تَسْقيهِ جداولُ عذبةٌ، وتسكنهُ الحيواناتُ الأليفةُ والطُّيورُ... وتنتشرُ فيه الأشجارُ والشُّجَيْرَاتُ وينبتُ فيهِ أنواعُ النّباتات...
وكان أجمل ما فيه أنواعُ الوَرْدِ والزهر والزَّنبق.. -واشتهرَ بين البَساتين... بأنواعِ زَهرِ الياسَمِيْنِ، التي انتشرتْ في كُلِّ مكانٍ، وزَهَتْ بأحْلى الأَلْوَان... وكان فيها: الياسمينُ الأبْيَضُ الّذي رَقَّ شَكْلاً وحَلا لَوْناً، وطابَ شَذىً... تنظرُ إليه فيعكسُ إليكَ رُؤى الجَمالَ الصَّافِي.. وتَقْتَرِبُ مِنْهُ فيملأ نَفْسَك بَهْجَةً... وتشمُّ عِطْرَهُ فيزيدكَ أُنساً وسُروراً والياسمين الأَزْرَق الذي اقتبس من السَّماء صفاءَ الزُّرقة..
وأخذَ مِنَ البَحْرِ حَلاوةَ المَنْظَر وأَخَذَ من الفَيْرُوز روعة الجَمال... والياسمين الأصْفَر الذي اقْتَبس لَوْنَهُ من أشعّة الشَّمس عند الشروق... وعند الغُروب، فكأنّ لونه انعكاس لَوْنِهَا.. واقْتَبَس حلاوتَهُ مِن سِحْرِ الرَّمْلِ المُمْتَدّ على مَدى الأُفق.. وأخَذَ تَلألؤه من الذَّهَبِ اللمّاحِ اللَّماع... والياسمينُ الأَحْمَر... وكأنه اقتبس حُمرته من لهبِ النَّارِ بما فيه من تَوَهُّجٍ ودفء وإشراق.. ونافسَ في الحُسْنِ والجَمال لَوْنَ الخُدود الخَجْلى.
هذه الأَنواع من الياسمين وغيره من الأزاهير المؤتلفة الألوان، والمختلفة أَحَبَّ بَعْضُها بَعْضاً... ...وكان البُسْتان يَتّسِعُ لها جَمِيعاً، ويَفْخَرُ بِحُسْنِهَا وجمالِهَا فَخْراً عَظِيْماً... وكانت تتَنَافَسُ في ما بَيْنَها مُنَافَسَةً بَريئةً حُلْوَةً في تقديم الألوان ونشر العُطور. ووصلت شهرة هذا البستان إلى كل مكان وعرفت البلاد القريبةُ والبعيدةُ باسم بُسْتان اليَاسمين... وفي يومٍ من الأيّام، وبعد حوارٍ اعتياديّ يجري مِثْلهُ بين أنواع الزهور كل يوم، حدث خلافٌ مفاجئٌ بين الياسمينة الصفراء والياسمينة الحَمْراء...
وقالت الياسمينة الصّفراء: أنا أَحْلى مِنْك، وعِطْري أَجْمَلُ من عِطْرِكِ وقالت الحمراء للصفراء: بل أنا الأحلى وعطري الأَجْمَلُ... وأَصَرّتْ كُلُّ واحِدَةٍ مِنْهُما عَلى أَنّها الأكثرُ حَلاوةً من الأُخْرى؛ وأنّها الأجْمَلُ عِطراً.. ووصلتْ قِصَّةُ الخلافِ بَيْنَهُما إلى أنواعِ الياسمين الأُخرى، وإلى بقيّةِ ما في البُستانِ من زَهَرٍ، ووَرْدٍ، وزَنْبَقٍ، ونَباتٍ... وحاولَتْ زهورُ البُسْتانِ وورودُه وزَنابِقهُ وسائرُ أنواعِ النَّباتِ فيه أنْ تُصْلِحَ بينَ الياسمينةِ الصَّفراء، وقريبتها الحَمْراء.. دون جَدْوى... .. كانت كلُّ واحدةٍ منهما مُصِرَّةً على رَأيها، وكانتْ تُقَدِّمُ بُرهانَها على وُجْهَةِ نَظَرِها، ما تظنُّه من صِحَّة رأيها...
وكُلّ واحدٍ يُعْجبُه رَأْيهُ، وقد يَتَعصَّبُ لـه أيضاً... وهذا ما كان بين الياسمينةِ الصَّفراءِ والياسمينةِ الحَمْراء... ويَجْدُرِ بِمَنْ يُعجِبُه رَأيُهُ أن يَسْتَمِعَ إلى نُصحِ عاقلٍ، أو مَشُوَرةِ حكيم! قال الورد الأحمر للورد الأصفر، وقد أقْلَقَهُمَا الخلافُ بين نَوْعَي الياسمينِ-: "لِنُجَرِّبْ يا صَدِيْقي الإصلاحَ بَيْنَ الياسمينِ الأصْفَرِ والياسمينِ الأَحْمَرِ... إنّهم جِيْرَانُنا ولَهُمْ عَلَيْنا حَقُّ الجِوَار... ولَعَلَّنا ننجَحُ في مُحَاوَلَتِنَا... ... إنَّ اتّفاقَهُمَا يَزِيدُ الغابةَ بهجةً وإيناساً قال الوردُ الأصفرُ: نعم... ويزيدها عطراً جميلاً...
اتّفَقَ الوردُ الأصفرُ والأحمرُ مع الياسمينِ الأصفرِ والياسمينِ الأحمر أن يلتقيا عندَ نبعِ الماءِ الصَّافي.. .. وحين التقوا عرفا منَ المُتخاصمينِ أصلَ الخلافِ... إنَّهما في الحقيقة يتنافسان: كلُّ واحدٍ يريد أن ينشرَ من العطرِ ما يُعجبُ ويَسرُّ أكثر من الآخرَ.. وكلُّ واحدٍ منهما يرى نفسهُ أكثرَ جمالاً وأطيبَ عِطراً!... وحاول وَفْدُ الورد الإصلاحَ والتَّوفيقَ، مبَيِّناً فضلَ الصُّلْحِ على الخُصومة.. لكنّ إصرار كُلّ واحدٍ من نَوْعَي الياسمينِ كان قويّاً... واضطُرّا إلى العودةِ دون تحقيقِ المصالحةِ المرغوبة... آسفينِ لإخفاقِ محاولَتِهما... رجعَ الوردُ الأصفرُ والوردُ الأحمرُ من لِقاءِ الياسمين الأصفر حزينين لأنهما لم ينجحا في مهمّة المصالحة التي سعيا في الوصول إليها والتوفيق بين القريبين والصديقين المختلفين من نوعي الياسمين... وفي الطريق وجَدا زهرة النَّرْجس مطرقةَ الرأسِ كأنَّها تنظرُ إلى الأرض تبحث عن شيء... لكنّ إطراقها كان طويلاً... بادرَ الورد الأصفرُ بسؤال النَّرْجس وفي صَوْتِه نبرةُ قلقٍ عليه: هل تبحث عن شيءٍ ضاعَ منك؟.. لم يَرُدّ النَّرْجس فقد كان مستغرقاً في التفكير... اقترب الوردُ الأحمرُ من النّرجِسِ وسأله: هل أنت بخير؟ انتبه النَّرجسُ وقال: آه! عفواً: شكراً لكما.. نعم أنا بخير والحمدُ لله...
أعاد الورد الأصفر سؤاله: هل ضيّعْتَ شيئاً وأنت تبحث عنه؟ قال النرجس: لا لم أضيّعْ شيئاً ولكنني أفكّر... بل كنت مستغرقاً في التفكير... -قال الورد الأحمر: هذا جَيّد... -قال الورد الأصفر: هل نفكّر معك، ونُسَاعِدُك؟ -قال: أريدُ أن تُساعداني... لقد فكَّرْتُ في اقتراحٍ أريدُ أن أَعْرِضَهُ على الياسمينِ الأصفرِ والياسمينِ الأحمرِ... -قال وفد الورد بصوت واحد: أنت ذكي أيّها النَّرْجِسُ فماذا تقترح؟ قال النرجس: وتساعِدَانني؟... قالا: نعم.. بكلّ تأكيدٍ... فكرتي بسيطة.. وهي سَهْلَةُ التنفيذ لو اتفق الياسمين الأصفر والياسمين الأحمر... نقسم اليوم نصفين... نِصْفٌ لهذا منهما، ونصفٌ لذاك... قال الورد الأصفر: هل توضّحُ لنا اقتراحك أَيُّها النَّرْجِسُ الذكيّ؟ قال: ينشر الياسمين الأصفر عطره نهاراً، وحده، ويمتنعَ الأحمرُ عن نَشْرِ عطرهِ في النّهار... فإذا جاءَ اللّيلُ نشر الياسمينُ الأحمرُ عطرَهُ وَحْدَهُ، وامْتنع الأصفر عن نشرِ عطرهِ في اللَّيل... قال الوردُ الأحمرُ وهو يَهُزّ رأسهُ مُوافقةً وإعجاباً: يا لـه من حَلٍّ مُقْنِعٍ ورأيٍ حكيم! قال الورد الأصفر: هذا الحلُّ يُصْلِحُ بينَ المُختلفينِ ويعودُ بالفائدة والحُسن والعطر على البستانِ أيضاً... قال الوردُ الأصفرُ: أسرعْ باقتراحك إليهما أيها النّرجِسُ البارع!.. عسى أن يكونَ الوفاقَ بينَهُما على يَديك... قال الوردُ الأحمر: رأيُكَ هذا من تفكيرك السَّلِيم... أنت مُصْلِحٌ جَيّد قال النّرجس: وأين مساعَدَتُكما؟ قال الوردُ الأصفَرُ: لستَ في حاجةٍ إلى مُسَاعَدة.. فالرأيُ الصّحيح كالشّمسِ المشرقةِ والبَدْر ليلةَ التَّمام. قال النَّرْجِسُ: أخْشى أن يراني الياسمينُ الأصفرُ والأحمرُ صغيراً، وألاّ يلتفتا إليّ.. ..والصغيرُ لا يستغني عن الكبير، وإن كان ذا رأيٍ وتَدْبير.. قال الوردُ الأصفرُ للورد الأَحْمَر: النرجسُ على حقّ؛ وقد وَعَدْناهُ.. هلمّ بنا مع النرجسِ إلى أرضِ الياسمينِ.. وانطلقوا جميعاً.. قال الورد الأصفر لنوعي الياسمين، وقد التقوا بهما: اسْمَحا لنا أن نقدم لكما النّرجسَ الحكيمَ ليقدّم اقتراحاً نرجُو أن يكون مقبولاً... قال الورد الأحمر: لقد أوتيَ النرجسُ قَدْراً عظيماً منَ الحِكْمَةِ... وقَدْراً آخرَ من حُسن التّدبير... حبّذا لو سمحتما لـه بتقديم فكرته.. وافقَ الياسمين الأصفر، والأحمر.. وقال أحدهما للنَّرجسِ: تفضّلْ بالكَلام أيُّها الضَّيفُ الكريم... فتقدَّمَ النّرجسُ قليلاً، وألقى التحيّة، واعترف للياسمين الأصفر والأحمر بالسَّبقِ والفضلِ والأهمية في البُستان ثم قال: أَنْتُما صديقان وقريبان أيضاً، واقتراحي صادِرٌ عن رغبتي في بقاء مكانتكما بين الزهور في البُستان، وهو يحفظُ لكل واحدٍ منكما حقّهُ ومكانَتَهُ وأسبقيَّتَهُ. قال الياسمين الأصفر مبتسماً: لقد شوّقتني إلى سماع فكرتك... وقال الياسمين الأحمر: هذه بداية طيّبة، وتدلُّ على عقل حكيم.. عَرَض النرجس فكرته... سكتَ الخصمان المختلفان لحظةً ثم التفت أحدهما للآخر وهو يُضمر الرِّضى.. وينتظر موافقة صاحبه.. إنّه حَلٌ مُنصف، ويُبقي لكلّ واحدٍ منهما مكانتَهُ وتفوّقه... ولم يلبث المختلفان أن وافقا على الاقتراح... وعاد الصُّلح بينهما.. وبارك الورد الأصفر والأحمر الاتفاق وشهدا مع النرجس عليه... منذُ ذلك الحين صار الياسمين الأصفر يَنْشُر عِطْرَهُ، ويُرْسِلُ روائحه الحلوةَ من حولهِ في النَّهار. وصار الياسمين الأحمرُ يرسل عطرهُ وينشرُ عبقَهُ الطيّبَ في اللَّيل... -واحتفظ الياسمين الأصفر باسمه كما هو.. وأضيف إلى الياسمينِ الأحمرِ اسمٌ آخر يدلُّ على تَمَيُّزهِ وخُصوصيّتهِ وذوقهِ الرقيق... هو: ياسمين الليل.
|
| |
|